تصور المخ وكأنه شبكة من العضلات ويوجد في هذه المجموعة من العضلات عضلة رفيعة خاصة تسمى عضلة المستقبل، وهذه العضلة في جسم الطفل تشبه معظم العضلات الأخرى فهي رفيعة ولم يتم تدريبها كثيرا، فمعظم الأطفال لا يفكرون في المستقبل –وبالذات الأطفال العنيدين– فهم يقضون وقتا أقل من غيرهم في التفكير بشأن المستقبل، إنهم مندفعون للغاية، إن عضلاتهم الحالية تنمو كل يوم، لكن عضلاتهم المستقبلية تظل مهملة بشكل كبير.
إننا نسمع في كثير من الأحيان أن الآباء يصفون الطفل العنيد بأنه جيد طالما يفعل ما يريدون هم، ولكن في اللحظة التي تطلب منه عمل شيء آخر لا يحب عمله فإنه يصبح وحشا وهذا دليل على أن عضلاته الحالية هي المسيطرة دائما.
عندما يفكر فيما إذا كان يجب عليه أن يفعل شيئا ما فإنه يقوم باتخاذ القرار بناء على إجابة هذا السؤال: هل هذا العمل سوف يمنحني السعادة؟!، إذا كانت الإجابة لا فإنه يقوم بعمل آخر، وإذا كانت الإجابة نعم فإنه يكون سعيدا جدا ويفعل أي شيء آخر يعبر عن الفرح في ذلك الوقت.
بناء العضلات العقلية
قد تعتقد أن الطفل العنيد لا يفكر في العواقب التي قد تسببها أفعاله وليس ذلك لأنه لا يفكر ولكن لأنه لا يتخذ القرارات الصحيحة، إنه يضع خطة ولكن لا يضع في اعتباره العواقب والنتائج المحتملة بالنسبة له وللآخرين
ماذا تفعل لتغيير طريقته؟، إليك الخطوات:
1- امنح الطفل خيارات كلما أمكن ذلك مثلا إذا سبب مشاكل أثناء أخذ الحمام فيمكنك أن تمنحه اختيار هل من الممكن أن تأخذ حمامك في الطابق الأعلى أم الأسفل في هذه الحالة سوف تمنحه الاختيار وتعطيه إحساسا بالسيطرة التي يحبها وتساعده على ممارسة اتخاذ القرار، وتساعده على تدريب عضلات المستقبل لديه.
2- عليك أن تتابع الطفل وهو يقوم بالسلوك المناسب إذا كنت لا تريده أن يلقي بكرة السلة في المنزل وهو يقوم بإلقاء كرة صغيرة بدلا منها فعليك تقدير ذلك وتجعله يحس أنك تستحسن هذا التقدم، فمن المهم أن تعلق على أبسط تحسن في سلوكه، حتى ولو كان الطفل لا يقوم بالسلوك الصحيح الذي تود أن تراه!.
3- لا تحذر الطفل من عواقب أكيدة قبل أن يسيء التصرف إنه يحتاج إلى أن يتعلم أن شيئا ما سيحدث حتى لو لم يتضح له الأمر مسبقا إن هذا سيساعده على أن يبدأ التفكير في المستقبل، وأيضا فإن عدم معرفته بعواقب الأمور والسلوكيات التي يقوم بها يجبره على التفكير، مثلا إذا قلت للطفل لا تلعب بالكرة داخل المنزل ولكنه قام بلعب الكرة داخل المنزل فعليك ألا تحذره، ولكن قل له لن تذهب لتدريب السلة هذا الأسبوع عقابا لعدم استجابته لطلبك؛ فإذا حدث ذلك على نحو غير متوقع هذه المرة فإنه في المرة القادمة سوف يدرك أنك تعني ما تقول، وبالفعل سوف يهتم كثيرا بما تقوله له من طلبات أو أوامر.
4- عندما تعاقب الطفل فحاول إبداء الحزن وليس الغضب، على سبيل المثال إذا ثار لأنك طلبت منه ترتيب لعبه فانتظر لحظة حتى تهيئ نفسك، وبعد ذلك أكد له كم أنت حزين لأن سلوكه سيسبب له العقاب!!!، الرد بهذه الطريقة سوف يجعل الصراع داخل الطفل وليس بينك وبينه إنك تريد أن تركز الطاقة العقلية للطفل على حل المشكلة وليس لجعله يغضب منك ويحقد عليك.
5- عليك أن تتدرب على جعل المسئولية على عاتق الطفل، وذلك باستخدام العبارات المؤثرة، إن استخدام الحزن في صوتك يجعل الطفل يغضب من العاقبة أو النتيجة التي اكتسبها وليس منك أنت؛ وذلك يساعدك على تجنب الدخول في جدال؛ مثلا إذا تفوه بألفاظ سيئة فعليك أن تقول بهدوء: "إنني آسف لتصرفك بهذه الطريقة" ثم اذهب بعيدا عنه
خمسة طرق لتطوير عضلة المستقبل عند الطفل:
1- أعط الطفل خيارات كلما أمكن فهذا يعطيه إحساسا بالسيطرة ويساعده على ممارسة اتخاذ القرارات.
2- شجعه على السلوكيات التي تريد أن ترى منها الكثير، حتى لو لم تكن سلوكيات إيجابية بشكل واضح، مثال إذا كان الطفل يلعب بهدوء في غرفة المعيشة فقل له: "إنني ألاحظ أنك تلعب بهدوء".
3- لا تستمر في تحذير الطفل من عواقب محددة قبل أن يسئ السلوك: إن كل ما يحتاج أن يعرفه الأطفال هو أن شيئا ما سوف يحدث فإن هذا سوف يقوي تفكيرهم في المستقبل، وعندما يعرف الطفل أن هناك بعض النتائج لسوء سلوكه فإنه يجبر على التفكير مسبقا.
4- عندما يجب عليك أن تقدم عاقبة أو نتيجة لا بد أن تقولها والحزن في صوتك وليس الغضب إن هذا يجعل الصراع داخل الطفل وليس بينك وبينه فعندما تكون العواقب مرتبطة بالغضب فإن الطفل يميل للشجار معك.
5- تدرب على إلقاء المسؤولية على عاتق الطفل، مع استخدام العبارات المملة مثال:
الطفل: إنك تعاملني بشكل أسوأ مما تعامل "محمد"
الوالد إنني متأكد من أن الأمر يبدو كذلك.