كنت في حديث مع بائع العسل في إحدى المناطق الجنوبية للمملكة ، وكنت مستمتعاً بحديثه ، ومتشوقاً لعجائب ما يذكر عن النحلة ، ومستلهماً قول الله تعالى : ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ، ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) ، ومستعظماً خلق الله ومهللاً ومحوقلاً ومسبحاً بحمده
ومستشعراً قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ، تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا ) حينما قال لي : من النحل من تخرج صباحاً لرحلة مضنية تبحث عن أطايب الثمار والزهور وقد أوكلت أمرها لباريها ، تقتات طيباً متنوعاً وتعطي أطيب ، ثم تأتي في آخر الوقت ومعها رزقها الذي كتب لها
ومتعجباً حينما قال أن النحل له أمير لا يتم لها رواح ولا إياب ولا عمل ولا مرعى إلا به ، فهي مؤتمرة بأمره ،
وقال لي : أن هناك أنواع من النحل يقمن بحراسة باب الخلية ، يدافعن عنها ، ولو كان ذلك على حساب حياة الواحدة منهن ، فأي غريب عليهن أو دخيل يدفعونه خارج الخلية ، علماً أن تعداد الخلية يصل إلى ثمانين ألف نحلة أحياناً فيا سبحان الله
وهو يتكلم عن النحلة خُيّل لي تلك الفتاة ، الفتاة المسلمة فهي كالنحلة إن لم تكن أفضل منها ، فقلت في نفسي هو يتكلم عن فتاة أعرفها حق المعرفة ، فتاة أقرأ أحرفها يوماً بعد يوم
فتاة هي أختي ، سواء كانت أخوة رحم أو أخوة إسلام
فالفتاة المسلمة لا تقع إلا على طيب ، ولا تقتات إلا طيب ، ولا تنهل إلا من طيب ، ولا تتلكم إلا طيب ، ولا تبحث إلا عن طيب
وكما أن النحلة تخرج وتبحث عن أطايب الثمار وعبق الزهور لتخرج لنا شراباً حلوا
فكذلك الفتاة .. فهي تنهل من العلم أنفعه ، ومن المعرفة أهمها وأطيبها ، ومن الثقافة أجملها وأزكاها لتأتي لنا بعلم ومعرفة وثقافة إسلامية متنوعة طيبة كطيب ما نهلت منه
وكما أن النحلة قليلة الأذى ، كثيرة المنفعة ، ففتاتنا مثلها تماما بل أفضل منها ، فالفتاة عديمة الأذى ، كثيرة المنفعة وكل شيء حولها يستفيد منها حتى الجمادات فمنفعتها شاملة
قال لي : النحلة تتنزه عن الأقذار ، فقلت : حتى الفتاة هي الأخرى تتنزه عن الأقذار والأدران ، ومحال الشبه والسوء
فتاتنا المسلمة كل شيء حولها تعرف كيف تستفيد منه ، ومن أين تنهل من مفيده وتتقي شره وأذاه
وحينما قال لي أن النحل يدافعن عن عرينهن وعن بيوتهن حتى ولو كان على حساب أنفسهن وأرواحهن ، فقلت في نفسي حتى فتاتنا تدافع عن عرين دينها وعن فضيلتها وعن شرفها ولو كان مقابل ذلك أن تخسر روحها
ففتاتنا عظيمة بنفسها ، وعظيمة بمن حولها ، لا ترضى بالأدران والأقذار ، كلؤلؤة ازدان لمعانها فلا ترضى بغبرة تشوب صفاءها
فتاتنا شريفة فاضلة ، فتاتنا أخذت خمارها سلاح تذود به عن شرفها وفضيلتها
ففتاتنا بدينا وعلمها وبمحافظتها على شرفها وفضيلتها هي أحلى من العسل